تولد الحياة الجديدة في دمشق كل يوم ٖ على الرغم أن أولى الأصوات التي يسمعها السوريون غالبا هي صوت المنبه المزعجٖ إلا أن ذلك الانزعاج اللحظي يتلاشى مع تشغيل الراديو مباشرة ليتحضر الجميع في العاصمة ليوم جديد كما الحال في باقي المدن السورية
لا يتوقف الراديو عن العمل في سيارة أبو محمد الخمسيني سائق التكسي وهو من سكان دمشق منذ اكثر من عشرين عاما مواليد مدينة حمص ٖ لايتوقف طالما يقودها
يعرف أبو محمد بحكم عمله لساعات طويلة في شوارع دمشق أسماء المحطات الإذاعية وبرامجها ومعظم مقدمي البرامج ويستطيع أن يقدم تقييمه لكل شيء فيها ٖ ويقول : إن اكثر الساعات حميمية بينه وبين عمله والراديو تبدأ صباحا مع فترة الاغاني الفيروزية .. لكنه وكما حال معظم أبناء جيله يفضل إذاعة دمشق التي يتحدث عنها وكأنها حبيبته معاتبا وعاشقا ويضحك قائلا (حتى الاذاعة صار يحقنوها هرمونات )فيتحدث عن تغيير ما طرأ على كل شيء لم يترك فيه من الحب والود ماكان يتركه سابقا
يعرف هذا السائق المخلص لذائقته الفنية الكثير عن الاذاعة ايام زمان ..ولو عدنا بالزمن إلى أولى لحظات البث الإذاعي الأول في سوريا سنجد أن إذاعة دمشق ثاني إذاعة عربية بعد صوت العرب من القاهرة في الأربعينيات و أول إذاعة سورية بعد جلاء المستعمر الفرنسي ١٩٤٦ ٖ بدأت بثها بساعتين يوميا ثم ستة ساعات بحسب العديد من المصادر فقد امتلكت دمشق وقتها عشرين جهاز راديو فقط ٖ يجتمع الناس في المقاهي حول الراديو ليسمعوا نشرات الأخبار والأغاني والموسيقا
ويحسب لإذاعة دمشق وقتها استقبالها لمشاهير الطرب العربي عبد الحليم حافظ، فيروز، محمد عبد الوهاب، صباح، وديع الصافي، سعاد محمد، كروان، مها الجابري وغيرهم .. كما تبنت الإذاعة اصوات سورية ما فارقت ذاكرة أجيال من السوريين كأغاني الفنان رفيق شكري (من منا لايعرف الأغنية المشهورة بالفلا جمال ساري) ويحسب لها أيضا مما نستطيع ذكره أن الملحن اللبناني المشهور فيلمون وهبي سجل فيها سبع مقطوعات من تلحينه وغناء كروان وفتى دمشق