انتهت الحرب اللبنانية عام 1991، وانطلقت موجة الفن والتلفزيونات الخاصة في لبنان ومحطات البث الأرضية، وانطلق مصطلح الأغنية الشبابية في بيروت ليعمّ المنطقة، وانتشرت موجة الفيديو كليب، وساد الجدل بين جيل الرافضين وجيل المؤيدين، وقتها كانت الأغنية لبنانية واللحن لبناني، وبصمات المخرج سيمون أسمر واضحة وهو يصنع النجوم اللبنانيين، ويغزو بهم وبهمّ المنطقة والعالم، وقتها وسط الألحان (السريعة الإيقاعية ) والكلمات الجريئة في الحب، ظهر شاب سوري، اسمه نور مهنا، بشاربٍ كثّ وبزة رسمية، معتمداً على أصالة مدينته، وثقافة صوته فقط وخطا خطوته الأولى مستعيداً أغنيةً لم تمت لفنانة سورية لبنانية مصرية هي سعاد محمد، حيث جدد إيقاعات وحشتني، الأغنية العاطفية التي تناسب أنثى أكثر مما تناسب ذكراً، لكنه بصوته القوي، وربما تناسبه صفة (جهور ) كأقل توصيف، خلق حالةً لأغنيةٍ متميزة وضعته على السكة الصحيحة، فناناً سورياً وسط الموجة اللبنانية الكاسحة
لفت هذا الشاب الذي يعرف القدود الحلبية ويتشربها كما أوكسجين حلب، الموسيقار اللبناني ملحم بركات مبكراً، فكان التعاون الهام بينهما في أغنية ( ولا مرة كنا سوا ) وهي من كلمات منير عبد النور، وكان له ألبوم كامل بعنوان ( يغني ملحم بركات ) وتوالت الأغنيات بفترات متقطعة مع الفنان نور مهنا، هذا التقطع قد يشير إلى أمرين، أحدهما أننا أمام فنانٍ متأنٍ في اختياراته وحذر فيما يقدمه لاحترامه للجمهور وذائقته الموسيقية، وقد يكون الأمر الثاني يشير إلى انعدام وجود جهة منتجة تتطابق في رؤيتها مع الفنان نور مهنا، وهويته الموسيقية الطربية، لكن ضمن هذه الأغنيات بدت معه محطات هامة حازت مكانتها في الذائقة الموسيقية العربية والمحلية، كان منها الأغنية السورية ( لعل وعسى ) التي غناها في حفلة وأطلقها في ألبوم احتوى أغنيات الحفلة التي اشتهر منها (امتى الزمان ) كذلك
تعاون نور مهنا مع شركة روتانا للانتاج الفني والموسيقي في عدد من الألبومات منها ( سيد الناس، حياتي، حكم الهوى، ليالي حبك، أهون عليك ) وذلك في الأعوام بين 2006 و2010. وقدم عدد من أغانيه بصورة الفيديوكليب منها: (واهم نفسك) كلمات فوزي ابراهيم وألحان صلاح الشرنوبي، (سمعاً وطاعة ) كلمات : محمد السيد محمد وألحان رياض الهمشري، (رق الزمان ) كلمات فوزي ابراهيم، وألحان رياض الهمشري، (أهون عليك ) كلمات وليد رزيقة وألحان صلاح الشرنوبي، (سيد الناس ) كلمات فوزي ابراهيم وألحان أمجد العطافي، (وين ) كلمات وألحان مروان خوري، وغيرها الكثير، لكن أرشيف الأغنيات للفنان نور مهنا، يصعب إيجاد معلومات عن أغانيه من حيث الكلمات والألحان والتوزيع وسنة الإنتاج
يقل نور مهنا في ظهوره الإعلامي باختلافه، ويعتمد فقط عاى ظهور الحفلات، وتى حين ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي التي اعتمدها الفنانون وسيلة للتواصل مع الناس بعيداً عن مطبات الإعلام، كان نور مهنا بعيداً عن التكنولوجيا ومآثرها بخيرها وشرّها، وقد انقطع عن الحفلات منذ أواخر عام 2011 تقريباً، وقد ألمح مرةً أنّ السبب في ذلك يعود إلى الآلام التي يعاني منها والمواجع التي أصابت روحه مع مأساة بلدنا سوريا، كما أنه يشعر بعدم الرضا عن مستوى الانحطاط الذي تعاني منه الأغاني بسبب رداءة المحطات الإعلامية التي تسوّق للرداءة، واليوم وبعد مضي عدد من سنوات الحرب، يغيب نور مهنا وتغيب معه أغنياته وحفلاته الرائعة التي كان لها حضورها الهام في بلاد المغترب، حيث يشعر جمهور الجالية السورية والعربية في المغترب أنّ صوت مهنا يربطهم ببلادهم ويقدم لهم الحنين الأمتن لبلادهم التي هاجروها، على الرغم من قلة الأغنيات التي غناها نور مهنّا والتي يبدو أنها لا تتجاوز مئة أغنية عبر تاريخ فني يعتبر زمنياً طويل، لكنها أغنيات لها نكهتها الخاصة وميزاتها الفنية الطربية التي لا تنسى