
يسجّل المخرجون والكتّاب السوريون حضوراً مميزاً في الدراما العربية المشتركة على خارطة الموسم الرمضاني الحالي محققين الدّور المّهم في نجاح الأعمال، حيث حجزمسلسل أولاد آدم مكانة خاصّة بين المتابعين

العمل للكاتب رامي كوسا وإخراج الليث حجّو وإنتاج إيغل فيلمز ومن بطولة كل من الفنانين ماغي بوغصن، مكسيم خليل، دانييلا رحمة، وقيس الشيخ نجيب. وتدور أحداث المسلسل في إطار اجتماعي بقالب منالتشويق وتشابك العلاقات حيث تختلط عوالم القضاء والإعلام والسّياسة مع عالم المحكومين الخارجين عن القانون

تجسّد ماغي دور القاضية ديما علم الدين المرأة الناجحة العادلة لأقصى حدّ وبداخلها صراعات عديدة رغبتها بالإنجاب ودفاعها عن أخيها الذي يكسرها ويلوي ذراعها وعقلانيتها في مواجهة الفساد فأدّت دورها باتزان وهدوء وهي تشكل ثنائية مع الفنان مكسيم خليل بشخصية غسّان زوجها الإعلامي الذي يقدّم برنامجاً تلفزيونياً بأهداف إنسانية. شخصيّة إشكالية موجودة في عالمنا من الممكن أن يستحقرها بعض الناس كما من الممكن أن يقول عنهاالبعض الآخر إنها الشخصية التي تبقى على قيد الحياة في هذا الزمن فهي تتمتع بالأنانيّة والرماديّة ليس لها أي مبدأ فيقول غسّان في أحد المشاهد: أغبى شي ممكن تعملو إنك تموت كرمال قضيّة أو حتى تتأذى، شو ما كانتالقضيّة … دفاع عن بلد عن فقير عن عدالة عن قائد ..ولك حتى عن صحن معكرونة مافي شي مستاهل تضر حالك كرمالو
فكان إتقان هائل لشخصية النذل المحاضر بالعفّة فيسلّط الضوء على النفاق الإعلامي وإن ما نشاهده في العلن ليس الحقيقة الحقائق في الكواليس

خرجت الفنانة دانييلا رحمة عمّا قدّمته من أدوار سابقة فكانت مختلفة ومميزة وتفوقّت هذه المرة لتثبت أنها ممثلة حقيقية أتقنت اللهجة اللبنانية الأصلية متخليّة عن لكنتها الاسترالية التي عُرفت بها سابقاً شخصيّة (مايا) الراقصة في أحد النوادي الليلية والتي تعيش صراعات اجتماعية لتؤمن لشقيقتها في السجن المال والأمان ويحدث التحّول الكبير عندما تلتقي بسعد، قيس الشيخ نجيب وهو سارق محترف ينشل الحقائب والهواتف يبتز ضحاياه في النهار فبرع في الدور بأدّق تفاصيله من الصوت والتعابير واللغة والثياب والاكسسوار

وبعد مرور النصف الأول من سباق الدراما الرمضانية نجد أن العمل قدّم وجبة دراميّة وفنيّة يمكن أن نقول عنها مكتملة وذلك بسبب اهتمامه بكل العناصر الفنيّة من التمثيل حيث لا يعاني النجوم الأربعة من عقدة البطولة المطلقة فشاهدنا استعراض فنّي للمواهب بمكانها وبشكل مختلف عما قدّموه سابقاً، ولا يغفل المشاهد عن قوة النص والحوارات في العمل وهي نقطة مهمّة ونوعية للسيناريست رامي كوسا الذي كتب الشخصيّات بعناية شديدة وتمرّ أحداث المسلسل بسلاسة بين الأبطال الأربعة بمزيد منالتشويق في كل حلقة
حتى اختيار الموسيقا التصويرية فهي ليست مجرّد خلفيّة موسيقية للمشاهد بل تعبّر كما يعبّر الممثل وتتواكب مع حركاته وانفعالاته وهذا يعود للمؤلف الموسيقي إياد الريماوي المُدرك لأدواته وخياله الواسع وإحساسه الفطري

وبالرغم من أن عناصر الإبهارالبصري ليس مطلوبة بالدراما لذاتها لكنها مجرّد مكمّلات، فنجد أن الكادرات والصورة مميزة جداً في العمل من حيث الألوان المتناسقة ودرجات الإضاءة والزوايا وأماكن تواجدالممثلين وهذا يعود لفنّيي الإضاءة والتصوير والعين التي تمتلك رؤيتها الخاصّة وذائقة بصريّة لتكون مايسترو العمل الفنّي بدءاً من النص حتى عرضه على الشاشة بتوقيع المخرج المبدع اللّيث حجّو