تعا ولا تجي واكذب علي

آراء خاص

 

أسرة التحرير

يستعد الكثيرون في مختلف أرجاء العالم في الأول من نيسان من كل عام، لإقامة مقالب طريفة ببعضهم البعض، قد لا يتعدّى بعضها المزاح الخفيف وقد يصل بعضها إلى مقالب محبوكة جداً قد لا تحمد عُقباها في بعض الأحيان

عُرفت هذه العادة منذ مئات السنين وإن دلّت على شيء فعلى حاجة الناس إلى التخفيف عن أنفسهم من متاعب ومشقات الحياة، إسوة بباقي الأعياد والمناسبات

اختلفت الآراء حول أصل (كذبة نيسان) وفي عملية بحث بسيطة عبر شبكة الإنترنت نجد أخباراً متضاربة فيها البعض من القواسم المشتركة 

القاسم المشترك الأكبر هو تغييّر البابا غريغوريوس الثالث عشر التقويم الذي يحتفل فيه برأس السنة اعتباراً من 21 آذار ولغاية الأول من نيسان، واعتماده الأول من كانون الثاني كرأس السنة. وكان شارل التاسع ملك فرنسا عام 1564 هو من أول من اعتمد التقويم الجديد أما الذين حافظوا على التقويم القديم فقد أثاروا سخرية البقية وباتوا يلقبونهم بأهل أول أبريل 

هناك أبحاث اخرى تقول أن نشأة عيد الكذب ارتبط  بعيد المجانين في القرون الوسطى حيث كان شهر أبريل هو شهر الشفاعة للمجانين، يطلقون سراحهم  خلاله و يصلي العقلاء لهم 

وفي مصدر ثالث لأصل عيد الكذب يرجح أنه يعود لعيد هولي في الهند والذي يقوم الناس خلاله بنشر بعض الأكاذيب في 31 آذار ليكشفونها في مساء 1 نيسان

تعددت المصادر والعيد واحد. هو عيد للتسلية والمرح لا أكثر إلى أن هذا العيد لم تعترف به أي دولة في العالم كعيد رسمي وبقي من الموروثات الشعبية

الجدير بالذكر أن هذه المناسبة يختلف عليها كثيرون بين مؤيد يراه يوماً خفيف الظل ومعارض لجعل يوم مخصص للكذب في زمن بات هو الأكثر شيوعاً تحت مسميات مختلفة تتراوح بين المجاملة والكذبة البيضاء والرد دبلوماسي 

لسنا هنا بصدد الحديث عن الكذب وأسبابه، إلا أننا لا بد للإشارة بأنه كان وما زال محفّزاً للكثير من الشعراء والفنانين الذين غنوا له ولقسوته، فمن منّا لا يتذكر أغنية فيروز الشهيرة  تعا ولا تجي … التي وصل بكاتبها اليأس أن يرضى بوعدٍ كاذب باللقاء ، هو كل ما تبقى له من الحبيب : تعا ولا تجي، واكذب عليي، الكذبة مش خطيّة… اوعدني أنو رح تجي، تعا ولا تج

 وعند الحديث عن الكذب وارتباطه بالحب والرومانسية تعود إلى الذاكرة فوراً أغنية الفنانة ميادة بسيليس  كذبك حلو … وشو حلو لما كنت، شي كذبة بحياتك 

ويبقى مونولوج عيد الكذب في مسرحية غربة  للعبقري الراحل محمد الماغوط والفنان القدير دريد لحام ، من أروع الأعمال الفنية التي قدّمت إشكالية الصدق والكذب وتأثيرها على المجتمعات والأوطان بطريقة كوميدية لا تنسى

في الختام ، ونحن قابعون في منازلنا في الحجر الصحي كما في المثير من دول العالم، لا يضر أن نلقي مزاحاً خفيفاً بين بعضنا لكسر روتين الحجر، ولنرسم على وجوهنا ضحكات بيضاء … لنجعل من الأول من نيسان أبريل عيد المرح الذي بتنا بأمسّ الحاجة إليه