تمتلئ ذاكرة الفن بالكثير من مشاريع الأعمال الفنية التي تعرضت للعوائق ومحاولات الوأد قبل ولادتها، وتحديداً تلك المشاريع التي تتناول قضايا وشخصيات جدلية يخشى بعض الأطراف تسليط الضوء عليها وكشف تفاصيلها لما قد يسببه ذلك لهم من إحراج، أو ما قد يلاقوه من مضاعفات بعد إجهار ما يخفى عن الجماهير
ومن تلك الشخصيات؛ المطران السوري «هيلاريون كبوتشي» (1922 ،2017)، رجل الدين السوري ابن مدينة حلب الذي عُرِف بإنسانيته وسماحته ودعوته الدائمة للمحبة والسلام، كما عُرِف بمقاومته ومناهضته للاحتلال الصهيوني لدولة فلسطين ودعمه لحركات المقاومة، مما أوقعه في الكثير من المشكلات والمضايقات إلى أن تمّ نفيه إلى الفاتيكان حيث توفي هناك
القيمة الاستثنائية والغنى الكبير للمطران، ومسيرة حياته النضالية لصالح الوطن والإنسان، دفعت العديد من صانعي الأعمال الفنية العرب لتناوله في أعمالهم، لكن ذلك لم يتعدى مرحلة الأفكار والمشاريع بعد اصطدامهم بمحاولات المنع والاحجاب، رغم توفر كامل المقومات الإخراجية والانتاجية والفنية
ومن أحدث تلك المشاريع؛ مسلسل سوري من تأليف الكاتب حسن م يوسف وإخراج باسل الخطيب وانتاج: المؤسسة العامة للانتاج التلفزيوني والإذاعي. وكَسائر المشاريع السابقة؛ تعرض ملف المسلسل للتأجيل والتأخير رغم تبني الدولة السورية للمشروع وإصرارها عليه، وهذا ما أكدته المستشارة الإعلامية لرئاسة الجمهورية د. بثينة شعبان في حفل تأبين المطران الراحل مطلع 2017
لكن المشكلة هنا إنتاجية بحتة، فالعمل ضخم جداً ومكلف إلى حد يفوق قدرة وميزانية المؤسسة، لذا تعرض للنقاش والدراسة مما أدى إلى التمهل في انطلاقه
وبعد التداول والإصرار على إبصار العمل النور، أعلن مدير المؤسسة زياد الريس التوصل إلى حل لملف المسلسل، وتجري الآن التحضيرات الأولية الفنية والانتاجية لانطلاق عمليات التصوير المقررة في شهر آذار المقبل، ويعول الريس على قدرة المؤسسة على انتاج العمل رغم كل الصعوبات الموجودة، ويستند في ذلك إلى تجربتها في مشروع «خبز الحياة» الذي حقق حتى الآن 6 مسلسلات جمعت نخبة الفنانين والفنيين السوريين، كما يؤكد الريس الإصرار على إتمام العمل وفق سوية فنية وإبداعية عالية رغم العوائق، ويدعو الجميع للاقتداء بالمطران الراحل والعمل بمحبة وإخلاص لتقديم الدراما السورية بصورة لائقة
ويفضل مدير المؤسسة عرض العمل خارج الموسم الرمضاني، تبعاً لخصوصيته الثقافية ولإفساح فرصة مشاهدة أفضل له بعيداً عن الزخم الرمضاني، لذا من المقرر أن يوافق موعد عرضه الأول مع نهاية العام الحالي أو في ذكرى رحيل المطران كبوتشي مطلع العام القادم
والجدير بالذكر أن العمل سيترجم إلى عدة لغات عالمية في سعي لوصوله إلى أكبر جمهور ممكن، كما سيتم انتاج فيلم يلخص المسلسل لتوزيعه عالمياً