ورد أسود: دراما سورية جزائرية لأول مرة

خاص دراما كواليس

لاقت الدراما السورية والعربية عامةً في الأعوام السابقة تحولات كثيرة في الشكل والموضوع والتوجه، فرضتها الأحوال الأمنية والمقاطعات الخارجية التي طالت هذا القطاع الفني، مما اضطر بالقائمين عليها إلى إيجاد حلول إسعافية والبحث عن عناصر جمالية جاذبة لاهتمام سوق العرض التلفزيوني، وكان أنجحها اللجوء إلى الدراما المشتركة، في محاولة لدى البعض؛ لكسب ود الفضائيات وإغرائهم لِشراء حقوق العرض بمنتجات مغزولة بعناصر المتعة ومشغولة بعموميات مناسبة لجميع التوجهات، وللبحث لدى البعض الآخر عن أفق فني أوسع وأغنى فكراً ومضموناً يضيف لرصيدهم الإبداعي ولدراما بلادهم، دون أن تلهيهم التشاركية الانتاجية والفنية عن التعمق بخصائص وميزات بيئاتهم الخاصة

أحدث تلك الأفكار وأكثرها ترقباً، المسلسل الاجتماعي المعاصر الذي حمل عنوان «ورد أسود» دراما سورية جزائرية لأول مرة، تبدو هذه التشاركية مستغربة ومثيرة للاهتمام، بعد أن اعتاد الجمهور العربي على صيغ درامية شرق أوسطية، فما الذي قد يجمع السوري بالجزائري ؟ وما مكنون نقاط التلاقي الموضوعية التي قد تبني أحداث وصراعات العمل الدرامي بوجود فوارق جغرافية وبيئية واجتماعية بين البلدين؟ وغيرها من التساؤولات التي لن تلقى الإجابة إلا بعد مشاهدة المسلسل في موعده المرتقب ضمن موسم رمضان 2019

للوصول على الموعد بأبهى صورة؛ التقطت كاميرا المخرج «سمير حسين» لقطتها الأولى مطلع الشهر الحالي في شوارع العاصمة دمشق، معلنةً بدء التصوير على أن تستمر لمدة شهر واحد، لتنتقل بعدها إلى الجزائر العاصمة لاستكمال التصوير لمدة شهرين. المخرج المتميز عوّد متابعي أعماله على اقتحامه الرؤى الدرامية في معاقلها، فكانت كاميرته دوماً ملتصقة بواقع الإنسان والبيئة المحيطة لِاستقراء كل تفاصيل حسية حركية تثري جمال صورته الدرامية، قد عرفناه بتوقيعه أنجح الأعمال الدرامية (زمان الصمت، الواهمون، بانتظار الياسمين ،فوضى، …)، أما في جديده، يتجه المخرج نحو مناخ فني وفكري مختلف، مختبراً مدى قدرة أدواته الإبداعية على صوغ توليفة درامية متقنة الصنعة تجمع بين بلدين شقيقين

أما النص الدرامي فقد ألَّفه وكتب السيناريو والحوار لهُ الكاتب «جورج عربجي»، المعروف بمدى بحثه ودقته في رسم ملامح حكاياته وعوالم شخوصها، فالكاتب القادم من لوحات قصيرة ألّفها في بداياته للسلسلة الشهيرة «بقعة ضوء» يعلم جيداً أهمية التعمق في سريرة الإنسان وتفاعلاته مع المتغيرات والعوامل المحركة ضمن حكايته، ومن ثمّ تبسيط صورته الخارجية لتبدو أقرب وأصدق إلى المشاهد على الشاشة الصغيرة

تلك الموازنة الفنية في خلق حبكة فاعلة ومقنعة؛ لمسناها في نصيّه الدراميين «امرأة من رماد» و «روزنا». مع العلم أن الأخير قد شرع بتأليفه أثناء كتابة نصّ مسلسله الجديد «ورد أسود»، وكان قد شرح أسباب ذلك؛ برغبة ألحّت عليه لتقديم عمل يحاكي مدينة حلب بعد تحريرها ويروي بعضاً من معاناة نازحيها، ليعود لاحقاً ويستكمل مشروعه متجهاً نحو هذه التشاركية الدرامية الفريدة، ليقول عبرها أنّه: لا يوجد خير مطلق، ولا يوجد شر مطلق

العمل من انتاج الشركة الجزائرية «ويلكوم أدفيرسر»، ويروي مجموعة من حكايا الحب والانتقام التي تربط أبطاله وفق خطوط درامية مبنية على التشويق والمكاشفة، ويلعب بطولته عدد من الممثلين السوريين ومنهم : سلوم حداد، صباح جزائري، وائل شرف، ديمة قندلفت، فادي صبيح …، بالإضافة إلى عدد من الممثلين الجزائريين ومنهم : خالد بن علي، منال جعفر، زكريا بن محمد، أميرة شرابي …

ومن المقرر أن يكون جاهزاً للعرض على الفضائيات في شهر رمضان 2019، ليلاقي جمهور الدراما التلفزيونية المتشوق لعمل رائد ومتميز يعيد المتعة والدهشة التي ندرت في مشاهداته لأعمال الأعوام السابقة