الدراما المشتركة بين التغيير والاستمرار

آراء خاص
لم يكن التعاون الفني المشترك بين أكثر من بلد صيغة جديدة من نوعها، فقد حقق وجوده كصيغة عمل ناجحة منذ زمنٍ بعيد، ولا سيما منذ انطلاق السينما العربية، فقد كنا نرى تعاوناً فنيّاً بين سورية ومصر، وسورية ولبنان ولبنان وغيرها 
وبعد انقطاع طويل لتداول هذه الصيغة الفنية المشتركة، عادت وبقوة في السنوات الأخيرة الماضية مع استمرارها حتى اليوم واحتمالية كبيرة لكونها صيغة عمل مستقبلي دائمة ولكن هذه المرة على صعيد الدراما و ليس السينما، فهل حققت هذه الصيغة عنصر الاقناع ؟
في الموسم الدرامي الماضي وما سبقه من المواسم الدرامية نلاحظ أن معظم الأعمال كانت تحتوي على ممثلين من سورية ولبنان في قصة مركبة تفتقد إلى حد ما للتماسك في بنيتها، فالمشاهد للعمل تتولد لديه العديد من إشارات الاستفهام عن المبرر المنطقي لاجتماع هذين البلدين في قصة واحدة، مع الإغراق في الأحلام والأوهام والابتعاد عن الواقع وقصص الشارع التي تشغل المشاهد، فقد كانت معظم الأعمال في بيئة مبهرجة أبعد ما تكون عن الواقع الذي يعيشه المشاهد السوري واللبناني على حدٍ سواء، هذا وإن لم يتم مشاركة عنصر دخيل من بلدٍ آخر بدون أي مبرر منطقي يمنح العمل عنصر التماسك، وهكذا نلاحظ في نهاية العمل أن هذا النوع من الدراما يفتقر إلى عنصر الإقناع وشرط الواقعية 
الصيغة المسيطرة على الدراما المشتركة هي البطل السوري الوسيم والبطلة اللبنانية صاحبة المواصفات الجمالية الموافقة للمعايير العالمية للجمال، وتكرار الثنائي نفسه في أكثر من عمل يجعل الأعمال عبارة عن أجزاء متناثرة مهما اختلف المخرج وباقي الكادر، ورغم الانتشار الكبير لهذه الصيغة لم ينجح الممثل اللبناني والممثلة السورية بشكل خاص أن يُصبح نجماً عربياً، و تبقى البطولة ضمن صيغة البطل السوري والبطلة اللبنانية مع تعذر انقلاب الصيغة لتحقق النجومية والانتشار لجميع أركان العمل المشترك 
أمام هذه المشكلة الحقيقية التي تودي بالدراما السورية لواقع متردٍ نذهب باتجاه التسويق سواء للجهات المنتجة أو للمثلين، فالعمل المشترك يحصل على فرصة تسويقية أكثر بكثير من غيره من الأعمال الأخرى، فلديه فرصة الظهور على العديد من الشاشات لقنوات بلدان مختلفة وهذا من حيث التسويق للجهات المنتجة أو القائمة على العمل 
أما من جهة الممثل نفسه فيحصل على فرصة عظيمة لتسويق اسمه، فالفنان الذي يُشارك في أعمال مشتركة يحصل على لقب فنان عربي في ظل ضياع الجنسية الحقيقية  للعمل
هكذا نجد أنه يكفي أن تكون شاباً وسيماً وحبيباً لممثلة من جنسية أخرى تتمتع بمواصفات جمالية سائدة حتى لا يكترث المشاهد لتفاصيل العمل والى العديد من الهفوات التي يتجاوزها الجميع في سبيل نجاح قصة الحب الأسطورية، هكذا وبطريقة خاطئة يتم التسويق لعمل ناجح 
وأخيراً يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هل ستتغير صيغة العمل الدرامي المشترك لتحقق الاقناع والواقعية والعدالة للجميع أم سيبقى الحال كما هو عليه وعلى المتضرر الانتظار ؟

 

Lascia un commento

Il tuo indirizzo email non sarà pubblicato. I campi obbligatori sono contrassegnati *