عندما ينهض الخريف من نومه متثاقلاً بعد صيف حار بأيلوله وورقه الأصفر المتساقط فوق العشاق المتخذين من الأشجار معبداً للحب … تبدأ دمشق، عاصمة الأبدية، بارتداء أجمل أثوابها وزينتها من حلي الثقافة والفن والصناعة … باسطة سجادها الأحمر لضيوفها، تستقبلهم بعرسها السنوي: معرض دمشق الدولي
وبعد انقطاع ست سنوات عن إقامة هذا المعرض بسبب الحرب، عاد العام الماضي ليثبت للعالم أجمع أن الحياة في سوريا أقوى من الموت وفي هذا العام أيضاً عاد المعرض بدورته ال60 بامكانيات أكبر ونشاطات أكثر جاعلاً من أرضه ملتقىً للصناعيين والمهنيين يتبادلون خبراتهم ويرفدون البلد بصناعات محلية تدفعها مع عجلة الاقتصاد إلى الأمام
لا يخفى على أحد أن حفلات معرض دمشق الدولي هي من أشهر الحفلات التي استضافت منذ بداية تأسيسه عام 1954 كبار الفنانين السوريين والعرب أمثالأمكلثومونصريشمسالدينوفيروزوصباحفخريوملحمبركاتوعبدالحليمحافظ وصباح وفريدالأطرش وغيرهم
إلا أن لفيروز والرحابنة حصة الأسد من حفلات المعرض والتي سجّلت معظمها على اسطوانات لتباع في الأسواق فما سر هذه العلاقة الحميمة التي تجمع السيدة فيروز والرحابنة بدمشق
الانطلاقة الأولى لفيروز كانت من إذاعة دمشق بأغنية عتاب عام 1953 التي انتهج فيها الرحابنة نهجاً جديداً جعلهم على خلاف مع إذاعة الشرق الأدنى اللبنانية لتفتح لهم إذاعة دمشق أبوابها وتكرّس لهم كل امكانياتها، ومن بعدها أصبحت فيروز النجمة السنوية لمعرض دمشق الدولي منذ عام 1960 لغاية 1976 لتغني فيها ( بحبك يا لبنان ) حيث كان لبنان مشتعلاً بالحرب الأهلية والجدير بالذكر أن عاصي الرحباني قد لحّن هذه الأغنية في الطريق بين انطلياس ودمشق
أحيت السيدة فيروز حفلاً جماهيرياً على مدرج بصرى عام 1985 بحضور تجاوز الثلاثين ألف لتعود بعد فترة طويلة لتقدم مسرحية صح النوم في دار الأسد للفنون عام 2008 وللرحابنة الكثير من الأعمال القديمة المخصصة لدمشق وسوريا لم تلق نصيبها من الشهرة ومنها : دار السلام ، ميسلون ، وفتاة سوريا ورغم أن فيروز غنت للعديد من العواصم العربية إلا أن دمشق كانت ملهمة الرحابنة والشاعر الكبير سعيد عقل الذي خصّ الفيحاء بأشعار ولا اروع