تتنوع مهمة الدراما التلفزيونية بين نقلها للواقع كما هو بأعمال واقعية أو لرسم ابتسامة، قد تأتي عفويةً أو ساخرة من العمل نفسه بأعمال كوميدية، أو لخلق متعةٍ معينةٍخلال ساعات من الزمن ، هذه المتعة التي قد يجدها المشاهد بمسلسلات الرعب أو الرومانسية
مع بداية الحرب في سورية، انبرى الكتّاب والمخرجين والمنتجين على تأليف قصص تحاكي الواقع بأدق تفاصيله، مع بعض الإضافات ( المنكّهات ) التي لا بد منها لهضم العمل. لا شك في أن بعض الأعمال قدمت لوحات حقيقية وكانت بمثابة مرآة للواقع، دون أن ننسى الاداء والإخراج الجديرين بالتقدير، إلا أن هذا الواقع الأليم المليء بالموت والدم وشراهة الكتّاب وتلذّذهم بالألم والعنف ومزجه بالحبر والورق، وسّع آفاق خيالهمليبتكرواقصصاً عنيفة جديدة قد تمت للواقع بصلة أو لاتمت. فكل ما يهم هو اللعب على الرغبة الساديّة التي وُلدت عند الكثيرين من أبناء جيلنا بسبب الحرب والرغبات المكبوتة والأحلام المنكسرة، وأصبح ( الريتينغ ) مرتبطاً مع نسبة ارتفاع الأدرينالين
هوليوود كانت السبّاقة بابتكار أفلام الأكشن والعنف، ولكن على ما يبدو انتهجت الدراما العربية عامةً والسورية خاصةً هذا النهج الجديد، والأمثلة كثيرة لعدة أعمال في السنوات الأخيرة كان أبطالها مجرمون وقوّادون لديهم القتل هو الحل الناجع لكافة مشاكلهم
حتى البيئة الشامية لم تخلو من مشاهد قتل بسبب تواجدها بفترة الاستعمار الفرنسي، والمسلسل الوحيد الذي خرج من تلك الحقبة هو “وردة شامية” ليحكي هو الآخر عن أشهر مجرمتين بمصر “ريا وسكينة” ولكن بنكهة سورية كما يقول المثل الشعبي:كأنك يا زيد ما غزيت
وأجمل مافي الأمر ان هناك أعمال تبتكر أسلحة جديدة لم تصل بعد الى بلدان العالم الأول … وحديثي طبعا عن سلاح جبل الأخضر الذي يشبه اكثر جرن الهاون لدق الثوم والكزبرة
نحن في هذه الفترة بحاجة إلى الاكثار من الأعمال الدرامية التي تعطي طاقة ايجابية للمشاهد، وتلقي الضوء على كل ماهوجميل، دون نكران صراع الخير والشر، فمن قال بأن قصص الحب غير حقيقية ؟ وأن الأسرة المُحبة لبعضها هي غير موجودة ؟ فمن منّا لم يشاهد مسلسل “الفصول الأربعة” بجزأيه والذي أُعتبر أيقونة الدراما الاجتماعية ،من تأليف ريم حنا ودلع الرحبي وإخراج حاتم علي وبطولة باقة كبيرة من نجوم الدراما السورية
في عام 1966 ظهر فيلم اميركي موسيقي بعنوان “صوت الموسيقى” من بطولة جولي أندروز وكريستوفربلامرويروي الفيلم باختصار قصةالراهبة النمساويةالتيتركتالديرلتصبحمربيةلسبعةأطفاللضابطبحريأرمل، فبقدر ما كان الفيلم بسيطاً بأحداثه وغنياً بمشاعره، بقدر ما حصد جوائز عالمية، للفيلم وللأغاني الموجودة فيه، عدا أنه سجل ثاني أعلى ايرادات بعد فيلم “ذهب مع الريح” وفي 2001 فيمكتبة الكونغرسالأمريكية،اختير الفيلم ليتمحفظهفيسجلالأفلام الوطنيةلمافيهمنأهميةثقافيةوتاريخيةوجمالية، وما لا يعرفه الكثيرون بالرغم من شهرة الفيلم وأغانيه الراسخة في البال إلى الآن، أن القصة مأخوذة من كتاب السيرة الذاتية لماريا فون تراب، بطلة الفيلم نفسه
خلاصة القول، أن الجمال والحب هي القيم الأبقى حياتياً وفنيّاً، لذلك نتمنى من كل القيّمين على الدراما السورية ابراز كل ما هو جميل، لإعطاء بصيص أمل للمشاهد الذي أنهكته الحياة. فالرجاء ثم الرجاء، لا تحولوا درامانا إلى جنازات نشبع فيها لطم … اللي فينا بيكفينا
فعلا صديقي أمير
متى سيبدأ الكتاب بكتابة الجمال والحب والسعادة والرجاء بدلا من استغلال ظروف بلدهم لجلب الأموال