المعلقات ومبيض الغسيل

الناطور خاص

إذا كنت تتابع أحد البرامج أو المسلسلات بشغف، وفجأةً هبّت على مسامعك أغانٍ معروفة بكلمات جديدة وغالباً غير متطابقة مع اللحن، فلا تتعجّب ولا تظن أن خللاً ما قد أصاب المحطة … بكل بساطة أنت الآن تواجه المصير المحتوم: الوقفة الإعلانية 

لنعد إلى البداية وتحديدأ ما تبثّه القنوات التلفزيونية من فترة الثمانينات والتسعينات. ليس جديداً أن الإعلانات التلفزيونية تتسابق على استعارة أحدث ألحان الأغاني لتضع عليها كلمات تتغزّل بالمنتج، بكلمات ليست كالكلمات ! والتي كما ذكرت تأتي غير متطابقة مع اللحن عدا أنها لاتشبه المنتج من قريب أو بعيد، دون بذل أي مجهود لتأليف فكرة ولحن خاص بالمنتج ليبقى كعلامة فارقة له، بينما على سبيل المثال قام الموسيقار الياس الرحباني الذي قام بتلحين المئات من الإعلانات المرئية لمحطات تلفزيونية كثيرة. بكرة بسباق الأغاني، الأغنية اللي بتربح المركز الأول بتربح معها الاعلان اللي سارق لحنها … عصفورين بحجر

هذا النمط من الإعلانات الذي عاصرناه منذ الثمانينات ولغاية الآن، بات من الأوابد إسوةً بالمعلّقات التاريخية. طبعا ًدون أن ننسى أداء الممثلين الهزلي في حال وجود فيديو كليب بإعلان قد خرج عن الفكرة السائدة: مجموعة فتيات يرقصن وبأيديهن المنتج المحظوظ
بزمانو كان في دعاية مبيّض غسيل على لحن أغنية النار النار للمغني حكيم، كانت عبارة عن كم من الصبايا اللي عم يرقصوا، والتصوير ما بخليك تعرف شو المنتج غير بالأخير لما كتبوا اسمه. عيّنة على سبيل المثال فقط لا الحصر

 

أتحفتنا منذ فترة وجيزة المؤسسة العربية للإعلان بباقة إعلانات أهمها لإحدى المنتجات الغذائية وبفيديو كليب أقل ما يقال عنه أنه يدعو للرثاء على ما وصلنا إليه من تسخيف لعلم وفن الترويج الإعلاني الذي لا يقلّ أهمية عن باقي الفنون

السؤال الآن: هل من المعقول بعد كل هذا التطور أن نشاهد إعلانات بنفس رؤية الثمانينات والتسعينات ونحن قد اقتربنا من عام 2020 وهل من المعقول مع وجود كل هذه التقنيّات الحديثة في الإخراج والمؤسسات الرائدة في صناعة إعلان يعطي صورة برّاقة للمُنتَج بطريقة تجذب الجمهور المتفرّج، لا بل تقنعه بأن هذا هو المُنتَج الأفضل، أن لا نرى تطوّراً بسيطاً ولو قيد خطوة واحدة ؟
سؤال موّجه للمعنيين والخبراء والضالعين في شؤون الدعاية والاعلان، فمن استطاع أن يصل بالدراما للعالمية، بمقدوره اجتراح المعجزات في فن الإعلان

ملاحظة: نسبة الارباح المادية من الإعلانات تفوق نسبة العائدات الواردة من الأعمال الدرامية. لكن على ما يبدو بدنا نترحم على أيام: يا دواليب الحظ دوري، ويا حلوة قوليلي شو يبيض غسيلك، وشباكنا واجهتو قزاز والغبرة خمس سنتي عليه، وهي يللا يا اصحاب ناكل بطاطا ورح يكون في عنا فترات استراحة طويلة ضمن الأعمال الدرامية نستغلها بتسخين ابريق المي للمتّة … ولقضاء الحاجة

Lascia un commento

Il tuo indirizzo email non sarà pubblicato. I campi obbligatori sono contrassegnati *