تجتمع العائلة على مائدة الغداء ويتبادلون الأحاديث عما جرى معهم في العمل والجامعة، يطول بهم النقاش فينتقلون إلى غرفة المعيشة لتناول فنجان الشاي والفواكه … ريثما تنتهي الابنة من عمل نفس الأركيلة التي صارت من مستلزمات جلسات السمر في البيوت: مشهد واقعي
تصيح البطلة على الهاتف بحبيبها الخائن … تغلقه في وجهه وتلجأ إلى أقرب سيكارة تنفثها بحرفيّة، لتعطي مشهد المصدومة مصداقية عالية: مشهد حزين
جالسين في المقهى، عيونهم هائمة، هو ينفث الأركيلة هامساً بين دخانها المتصاعد بحبك … تنظر إليه بعيون لامعة والسيكارة في فمها نظرتها نظرة اللي صبرت ونالت : مشهد رومانسي
مما لا شك أن فيه أن متطلبات العمل الدرامي هو نقل صورة الواقع بكل مصداقية، هذا الواقع وللأسف الذي صارت فيه الأركيلة هي من ضرورات المتع اليومية حتى لا يكاد يخلو منزل من أركيلة واحدة على الأقل. ولكن هل من الضرورة بمكان أن تكون وسائل التدخين مرافقة لمعظم المشاهد ؟ لا مانع من بعض المرات التي تخدم فيها النص، ولكن الذي نراه هو حشو بلا فائدة قد ينعكس سلباً على الناس … فمن المعلوم أن وسائل الاعلام هي الأكثر تأثيراً على أطفالنا، أفلا يكفي ما يشاهدوه في الواقع حتى يأتي العمل الدرامي ليجعل من مرض العصر عادة اجتماعية عفوية ؟
في أحد المسلسلات السورية، لفت انتباهي مشهد لشاب وفتاة يتكلمان بموضوع شديد الحساسية وأثناء ذلك هو يعدّ نفس الأركيلة وهي تضع الفحم على النار! يعني مو ناقص غير نشوف مشهد بنت راجعة من المدرسة وأمها عم تصرخ فيها: ليشت تأخرتي لهلق؟ روحي غيّري أواعي المدرسة بسرعة وتعا ساعديني بتحضير كام راس أركيلة … جايين رفيقاتي بعد شوي
المصيبة الأكبر كانت في شهر رمضان المنصرم ففي أحد برامج المسابقات والأسئلة السريعة في المقاهي على احدى القنوات التلفزيونية، كانت الهدية للفائز عبارة عن علبة كبيرة من خلطات المعسّل! ما كان ناقص غير المذيعة تهدي الطفل اللي بيربح معسّل بنكهة السيريلاك
أسئلة كثيرة تخطر في بالي: هل ياترى قد يأتينا عمل درامي برعاية معسّل تفاحتين ؟ وهل قد يأتي يوم تضطر فيه وزارة الصحة إلى إجبار شركات الانتاج على كتابة جملة ” التدخين يؤدي إلى أمراض سرطانية ومميتة” في مقدمة الأعمال الدرامية … كالملصقات التي نراها على علب الدخان . ربما