يعرف الكثيرون حكاية المجرمتين الاسكندراويتين ” ريا وسكينة ” التي تحولت إلى أعمال فنية بعد أن هزت جرائمهما مصر في بداية القرن الفائت، فقد تم إنجاز هذه الحكاية كفيلم من بطولة (نجمة ابراهيم وزوزو حمدي ) ومن ثم مسرحية من بطولة ( شادية وسهير البابلي ) وكانت هذه الأشهر، وبعدها تم إحياؤها كمسلسل مع الفنانتين ( عبلة كامل وسمية الخشاب) لكن هذه الحكاية أثارت شهية شركة غولدين لاين للإنتاج فقامت مع الكاتب مروان قاووق، والمخرج تامر اسحق باستصدار نسخة تستند إلى “البيئة الشامية ” تحت اسم وردة شامية حيث ( وردة هي سلافة معمار، وشامية هي شكران مرتجى )، اللافت أن الشارة لم تشر على الإطلاق إلى ذكر حكاية ريا وسكينة، ولم يذكر الكاتب أو المخرج أو شركة الإنتاج أن الحكاية مقتبسة، وكأن هناك اتفاق ضمني بينهم من طرف وبين الجمهور الذي تابع المسلسل على القنوات المشفرة في رمضان الماضي من طرف آخر، وكأن حال الكاتب يريد أن يقول أنه هو خير من يطوّع أي عمل إلى بيئته الشامية التي أتقنها في عدد من الأعمال كان أشهرها باب الحارة
تعم الجثث التي تُنبش مراراً وتكراراً حلقات المسلسل، حيث ستحصل في الحلقات العشر الأولى على ثلاثة جثث وبعدها تزداد هذه الجثث وتزداد الحكايات المتقاطعة في العمل، التي يعتمد عليها في مسلسلات البيئة الشامية، وقد ساعدت كثرة الحكايات في تخفيف من بعض أساليب تضييع الوقت التي يمتهنها مخرجو البيئة الشامية مثل الآهات مع شرود النجوم، التعازي، رقصات المولوية، الأعراس، حمام السوق وسواها، كلها متكآت درامية مملة يعتمدها مخرجو هذه الأعمال بنفس الصيغة دون تجديد لأغراض يقولون أنها سياحية، في وردة شامية يتم التخفيف من هذه الحيل، بنسبة عالية، لكن المسلسل لا يتخلص من منزلقات مثل كشف العذرية وليلة الدخلة وغيرها من المفاهيم التي جفت أقلام الصحافة وهي تطالب بالتخلص من هذه الحقائق المتخلفة
تتقن الفنانة شكران مرتجى اللعب على مساحة دورها الواسعة، فتبدو قائد المسلسل دون منازع، ولا أعرف إن كان ذلك اجتهاداً منها أم اجتهاداً من الكاتب، لكن شكران مرتجى تستحق دائماً أن تنال الثقة تجاه أي دور تؤديه، ويبرز قوة دورها هذا ضعفاً من قبل سلافة معمار التي تؤدي الدور بتقنياتها الفنية المعتادة والتي لا يمكن التقليل منها، لكن الاجتهاد يختفي عندها في أداء شخصية وردة، أما الفنان سلوم حداد فيبالغ باجتهاده لأداء شخصية الزبال عاصم،ولكنه نظراً لاستكثار الاجتهاد فنجد أنه الاختلاف بين التأتأة والكتع في اليد اليمنى والارتعاش في اليدين والرأس، حيث يتخلص من بعضها في مشاهد ويسخّرها كلها في مشاهد أخرى، أما الفنان سعد مينة فيظهر بدور متقن يفرض نفسه فيه، وعلى الرغم من أن بعض النجوم يحلون ضيوفاً إلا أن معظمهم يقومون بأدوارهم بإتقان واجتهاد، باستثناء الممثلة ريم عبد العزيز التي تمرّ مروراً غير متقن ويمكن القول أنه ساذج، المسلسل يمكن أن يحقق الكثير من التشويق لمتابعه، مع إخفاء بعض التفاصيل التي تشدك من حلقة إلى أخرى منها الخط الدرامي لشخصية يلعبها الممثل الشاب بلال مارتيني الذي تخونه خامة صوته في تطويعها فهي باهتة وواهنة وطفولية على الدوام،كما أن حكايةً وراء شخصيته لم تكتمل في النص ربما تترك لأجزاء لاحقة
يمكن القول أن هناك الكثير من التحفظات حول اعتماد فنتازيات البيئة الشامية في حكاية ريا وسكينة، لكن العمل لديه وقع أعلى ضمن هذا التصنيف، لذلك تم عرضه على قنوات مشفرة، كونه حقق إيرادات أعلى منه لوعرض على القنوات المفتوحة