هل تُطلق دراما 2019 نجومية «رنا ريشة» التلفزيونية بعد تألقها في السينما والمسرح

خاص دراما نجوم

حلماً مدعوماً بِالموهبة والعزيمة، وعينين خضراوتين تتلقفان الأضواء دونما انعكاس، هو كل ما امتلكته تلك الحسناء ابنة مدينة حمص أثناء دراستها في المعهد العالي للفنون المسرحية بِدمشق، وعلى قدسية ما امتلكت؛ لم يكن ذلك كافياً لِصناعة نجمة جماهيرية! فالمعايير غير منصفة، والحسّ الفني شبه غائب عن أصحاب القرار والاختيار. ولأن الموهبة الحقيقة لا تستكين ولا تُحجَب حين تتلاقى مع الإصرار؛ تطغى بالنور على الظلال، كان لابدّ للنجاح أن يُحصَّل بِتألق وأناقة فنية مائزة

 

رنا ريشة ممثلة بِشغف الموهبة تكونَت، وبالمعرفة والمثابرة تشكلَت، فَأصبحت اليوم علامة فارقة في فن التمثيل، ورقماً صعباً في الحرفية وسلامة الأداء. طريق شاق خاضته الممثلة للوصول إلى ما هي عليه الآن، عشرات الشخصيات تنقلت في أدائها بِرشاقة واقتدار بين المسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة والدوبلاج

 

 

كانت السينما بِسحرها وجماهيرتها الحاضن الأهم لِتلك الموهبة الفريدة، تألقت على شاشتها الكبيرة بِما امتلكته من استثنائية في الفهم والتماهي مع حالات الشخصيات النفسية والوجدانية، وبتعبيراتها الفنية المدروسة والمشغولة بِأدواتها التمثيلية من لغة الجسد والتواترات الدلالية للصوت والمحاكاة البلاغية للعيون، فَخطفت الأنظار مع أول ظهور لها على الشاشة الكبيرة في الروائي الطويل «حراس الصمت» للمخرج «سمير ذكرى»، وانطلقت في رحلة نجاحها السينمائي، ومنها في الروائي القصير: ضجيج الذاكرة، توليب من بلادي، جوليا، دوران، السيناريو الأخير، … وغيرها. كما شاركت بِعدة شخصيات متميزة في الأفلام الروائية الطويلة، ومنها : الرابعة بتوقيت الفردوس، بانتظار الخريف، حرائق، حنين الذاكرة

 

 

وكما السينما؛ فقد كان المسرح ملعباً حاضناً لِتلك الموهبة، المسرح الذي تعشقه الممثلة المحترفة وتفجر على خشبته طاقتها الإبداعية بِحريّة وتمكن خاص، وفي عروضه قدمت أبهى الأداءات ومنها: ابن عربي، راشا مون، لالي، بيت بلا شرفات، بركان النساء

 

أما في الدراما التلفزيونية، كان الأمر مختلفاً، فَعلى الرغم من مشاركتها في عشرات الأعمال؛ إلّا أنها لم تحقق لها الإنصاف، ويرجع ذلك غالباً إلى الطبيعة الاستهلاكية لهذا الفن وشروطه التسويقية، مما ينعكس على أسس الاختيار وتوزيع الأدوار، كما يبدو واضحاً أن تلك الموهبة لم تحظى بِالمخرج المناسب لإمكاناتها، مخرج يُحسن إدارتها وتفريغ طاقتها المتجددة أمام الكاميرا، فَكانت النتيجة حضوراً لطيفاً في العديد من المسلسلات ومنها: رياح الخماسين، جمال الروح، ليل ورجال، الحصرم الشامي، جلسات نسائية، وغيرها

أما في أحدث مشاركاتها التلفزيونية للموسم الدرامي هذا العام، وبعد غياب سنوات، تدل المؤشرات على نقلة نوعية، وحضور لافت نترقبه في 3 أعمال، فَهل تُطلق دراما 2019 نجومية «رنا ريشة» التلفزيونية بعد تألقها في السينما والمسرح؟

تأتي تلك المؤشرات من القوام والبنية الأساسية لتلك الأعمال، على صعيد الكتابة والإخراج والانتاج، ومن الخلفية السينمائية لِصناعها والعاملين عليها، حيث تطل علينا في المسلسلين الدراميين (ترجمان الأشواق، صانع الأحلام)، من كتابة السيناريست «بشار عباس» الحاصل على شهادة الماجستير في الإخراج السينمائي (اختصاص المونتاج السينمائي) من معهد البحر الأحمر للفنون السينمائية، كاتب ومخرج عدد من الأفلام القصيرة، ومن إخراج السينمائي المتميز «محمد عبد العزيز» العاشق والمنغمس في سينما الواقع منذ صغره، والحاصل على علوم السينما بعد دراسته لها في تركيا، صانع 7 أفلام حتى الآن، حققت رضاً نقدياً وجماهيرياً مُلفتاً، لتشكل تلك الثنائية أملاً بتقديم منتَج درامي بِأسلوب وصورة سينمائية متفردة

في «ترجمان الأشواق»، انتاج: المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، تؤدي ريشة شخصية «نجوى»، امرأة سوريّة تُعاني كما غالبية نساء سوريا من آثار الحرب ومواجعها، لكنها تبقى مُصرة على البقاء في البلاد رافضة فكرة الهجرة بشكل قاطع، فَهي كما تقول في إحدى حوارات المسلسل: لن أترك البلاد وأُسافر، سأبقى هنا مع أولادي وأهلي وأمي، وما سيحدث عليهم؛ سيحدث علي! الملفت أن تلك الشخصية تشبه الشخصية الحقيقة للممثلة التي تحدت ولازمت وعائلتها البلاد طيلة سنوات الحرب

 

أما في «صانع الأحلام»، انتاج شركة «ميديا ريفوليشن7» لصاحبها المنتج «مفيد الرفاعي»، العمل العربي المشترك، الذي يقدم دراما الخيال العلمي بِأسلوب غامض ومشوق، تطل علينا بِشخصية «ديمة»، فتاة تعمل في مجال الصيدلة، تتسم بالطيبة والصدق والإيجابية، هي شقيقة بطل العمل الرئيسي «سامي عمران/ أداء: مكسيم خليل» والذي يتعرض لعدة مكائد وصراعات لِلإيقاع به والنيل من علومه المُكتَشَفة، مما يجعلها هدفاً لإحدى العصابات التي تسعى عبرها لِسرقة أبحاث شقيقها، فَتُحاول حمايته بِكل ما تستطيع

 

وفي إطلالة خاصة، تحلّ ريشة ضيفة على إحدى حلقات مسلسل «ناس من ورق»، للكاتب «أسامة كوكش» والمخرج «وائل رمضان»، انتاج: المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، عمل متصل منفصل ينتمي إلى الدراما الاجتماعية المعاصرة، تؤدي بِه شخصية «ميادة» الزوجة المغرورة والمستبدة بِكتبر وتسلط، والتي تسعى للاستحواذ على كنز موجود تحت إحدى المباني. المتابع لأعمال المخرج الفنان (درس وتخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية)؛ يلحظ اعتناءه بالأدوات الجسمانية للممثل ودلالاتها الوجدانية، وهو ما يبدو ملائماً للممثلة المتمكنة من أدواتها، والمستندة على توظيف علمي دقيق لها، مما يبشر بِحلقة استثنائية

هي عودة مُرتقبة بعد غياب، قد تحقق تفوقاً ودعماً لِمسيرة «رنا ريشة» الفنية، وتألقاً في موسم درامي غني كماً ونوعاً تعود بِه الدراما السورية إلى سابق عهدها