تُشكِل المؤسسات الثقافية التطوعية رديفاً أساسياً للمؤسسات الحكومية على اختلاف اختصاصاتها، بل وتأخذ ضرورة استثنائية وتصبح حاجة في الأزمات والحروب نظراً لعدم استقرار المجتمعات في تلك الحالات. وفي سوريا التي لاقت ويلات حرب تفوق الوصف؛ تحدى السوريون مآسيهم وفجائعهم وأصروا على الاستمرار في ممارسة حياتهم رغم كل ما حصل، وكانت الثقافة حاضرة ومتنامية دوماً كقوة قادرة على تحدي الموت والدمار
من تلك المؤسسات الثقافية التطوعية؛ لمع «مشروع مدى الثقافي» بغنى وتنوع فعالياته التي شملت عدة مجالات ثقافية بين الشعر والسينما والفن التشكيلي والموسيقا وغيرها … معتمداً بشكل أساسي على مبدأ الثقافة التفاعلية وذلك بمخاطبته الجمهور بشكل مباشر وإشراكه في نشاطاته عبر النقاشات والحوارات، مما أكسبه محبة واهتمام ومتابعة الجمهور السوري، كما استطاع استقطاب واستضافة أهم الأسماء الثقافية السورية عبر فعالياته المتجددة
وفي أحدث نشاطاته؛ أقام «مشروع مدى الثقافي» معرضاً للفن التشكيلي تحت عنوان «فسحة لون» في صالة المعارض بالمركز الثقافي باللاذقية، قام أعضاء المشروع بتنظيمه وافتتاحه تحت رعاية وزارة الثقافة ومديرية الثقافة باللاذقية، استمر لمدة ثلاثة أيام خلال الشهر الماضي
شارك في المعرض 24 فناناً من المحترفين والهواة، قاموا بعرض أعمالهم من لوحات فنية ومجسمات نحتية تنوعت في مدارسها وأفكارها وطرق تنفيذها، وغلب عليها تقديم الإنسان والطبيعة بتفاصيل شكلية ولونية برؤىً فنية وحسية متمايزة، لتعكس حالات صانعيها وطبائعهم وأحاسيسهم الخاصة
ونذكر من الفنانين المشاركين: اسماعيل توتنجي، بولس سركو، زينب خدام، نيرمين غانم، محمد هدلة، علي كحيلة
لاقت تلك الأعمال استحسان زوار المعرض وإعجابهم ولكن إثارة تساؤولات الجمهور وخلق حالة جدل ونقاش بينهم وبين الفنانين هو ما يسعى له مشروع مدى، وهذا ما حصل بتواجد الفنانين المشاركين ومناقشتهم للحضور في أعمالهم وشرحهم لِظروف تنفيذها والحالات الوجدانية الحاصلة بها، مما أكسب المعرض تفاعلاً مرضياً ومثمراً