لم تشفع له نغماته التي أجاد بها على آلة «البُزُق» طوال السنين الماضية، ولم تستطع موسيقاه بِقوتها وسحرها أن تُلهي الأقدار عنه، فَكان الموت مايسترو الترنيمة الأخيرة، ليعزف لحن «إياد عثمان» الأخير
من على سريره الأبيض في غرفة العناية المشددة بِمستشفى «رفيق الحريري» في العاصمة بيروت؛ أُعلن أمس الأربعاء 23/1/2019 نبأ وفاة العازف والموزع الموسيقي الشاب «إياد عثمان» (1984، 2019)، بعد معاناته شهراً من مضاعفات مرضية صادمة
يقول المقربون منه أن بداية مرضه كانت بسيطة، حيث أُصابته نزلة برد «كريب» وهي حالة مرضية شائعة ويتم الشفاء منها عادةً بعد أيام قليلة، لذا لم يعرها اهتماماً واكتفى بتناول أدوية باجتهادات صيدلية دون فحص أو استشارة طبية
لكن تلك الأدوية لم تكن مناسبة لحالته، ما أدى إلى إصابته بالتهاب رئوي حاد وتطور الإصابة لتصل الجرثومة إلى نقي العظام، ونُقِل على إثر ذلك إلى المستشفى ليقضي شهراً مع عمليات نقل الدم التي سارع أصدقاؤه ومحبيه للتبرع لها قبل أن يفارق الحياة
الفنان الراحل من مواليد مدينة «جرابلس» (125كم شمال شرق حلب)، طبيعة المدينة الحدودية مع تركيا جعلته منذ طفولته متأثراً بالموسيقا الشعبية التركية وبآلة البُزُق الوترية تحديداً، فكان منه أن قصد المعهد العالي للموسيقا بِدمشق للدراسة بهِ، ليعمل بعد تخرجه مُدرّساً لمجموعات موسيقا الحجرة في نفس المعهد، ولينتقل بعدها إلى حمص مُدرّساً لآلة البُزُق في كلية التربية الموسيقية في جامعة البعث، وبعدها إلى السويداء مُدرّساً في المعهد العربي للموسيقا، ليستقر أخيراً في العاصمة اللبنانية بيروت
عُرِف عنه عشقة لآلة البُزُق وطموحه بتفعيل حضورها في المقاطع الموسيقية والخروج من نمطية عزفها المنفرد، كما اشتهر بتوزيعه الموسيقي لعدد من الأغاني والمقطوعات الموسيقية التي عمل بها مع عدد من الفنانين: آري جان سرحان، ميس حرب، بشار زرقان
وكان من المفترض أن يقدم الفنان الراحل ألبوماً موسيقياً بعنوان «شماليات» بعد حصوله مؤخراً على منحة تمويل من مؤسسة «اتجاهات_ثقافة مستقلة» ليقدم عبره موسيقا الشمال السوري بطابعها البيئي الجمالي، كما كان يعمل ضمن مشروع «إيتودات احترافية للبُزُق» وهو كتاب يقدم خبرات تسهم في اكتساب قدرة ومعالجة للعازف الموسيقي ليصبح جاهزاً لاحتراف العزف على آلة البُزُق.
لكن الموت كان أمضى وأسرع، ليرحل صاحب النغمات المرهفة تاركاً وراءه محبة كبيرة ممن عرفه وتمتع بأعماله وحزناً على فقدان موهبة تميزت بالشغف والتجدد