مدينة حلب الشهباء تقع على طريق الحرير … موقعها هذا جعل من حجارتها دفاتر ومدوَّنات لكل الحضارات التي تعاقبت عليها . إلا أن حلب ومع كل ما مرّ بها، كانت ولّادة لأناس تنفسّوا الطرب وجعلوا منه كتباً مقدسة تنقل قارئيها إلى السماء السابعة هؤلاء الفنانين الذين أبدعوا في مجال الغناء بمختلف أنواعه لا حكراً على القدود والموشحات فقط ، كثر إلا أننا سنخص بالذكر اليوم شابةجميلة المظهر لطيفة الحضور ورائعة الصوت ظهرت ببداية الثمانينات لتخطف الأضواء فوراً من كبار المطربات اللواتي كنا متواجدات على الساحة الفنية آنذاك … ابنة حلب الفنانة ميادة الحناوي
بدأتميادةالحناويالغناءمنذعام 1977 وهيلمتبلغالعشرينمنالعمرحينالتقاهاالموسيقار محمدعبدالوهاببمصيف بلودانقربدمشقوقدغنتأمامهفأُعجببصوتهاالجميل وأدائها المتميز ... دعاهاإلىمصروبدأتفعلاًالاستعدادات والتدريباتعلىأغنيةفييوموليلةمنكلماتالشاعرحسينالسيد. ولكن ما لم يكن في الحسبان هوالقرارالمفاجىء بترحيل ميادة من مصر ، وقدكثرتالأقاويلعنسبب قرار الترحيلهذا وحسبزعمهاأنلزوجةمحمدعبدالوهاب ( نهلةالقدسي ) اليد فيه لشكهاحولعلاقةحب بينها وبينعبدالوهاب. ونفتميادة بالطبع أيعلاقةتربطهابهعداعلاقةالعملبين ملحنومطربةوقدأعطىالموسيقارعبدالوهابرائعتهفييوموليلة فيما بعدللمطربةوردةالجزائرية
على الرغم من البداية الموجعة وموت حلم قبل أن يتحقق، إلا أن الفنانة الشابة لم تفقد الأمل فجمعتها الأقدار مع الموسيقار بليغ حمدي المنفصل حديثاً عن المطربة وردة ، ليؤمن بموهبتها ويبدع لها أروع الألحان ( حبينا واتحبينا، فاتت سنة، مش عوايدك، سيدي أنا )عدا عن أغنيتين من كلماته وألحانه ( الحب اللي كان ) ( أنا بعشقك ) والتي تعذّب كثيراً في تلحينها لتستقر على ماهي عليه ولتصبح العلامة الفارقة لميادة الحناوي تغنيها في جميع حفلاتها
ساعد بليغ حمدي ميادة لتتعامل مع عمالقة الملحنين أمثال محمد الموجي ( جبت قلب منين، اسمع عتابي )، سيد مكاوي ( حبك ما ينتهيش، محلا الغرام )، محمد سلطان ( أكتر من الحب، آخر زمن )، حلمي بكر (بتحلف ليه)، عمار الشريعي ( الليالي، سيبولي قلبي ). أما التعاون التاريخي فقد كان مع الموسيقار رياض السنباطي في أيامه الأخيرة فأعطاها عملين من أروع ما يكون (ساعة زمن، أشواق ) وقد صرّح رياض السنباطي : أنه بدأ حياته مع أم كلثوم وأنهاها مع ميادة الحناوي . كما التقى بها عازف الاوكورديون بفرقة أم كلثوم الفنان فاروق سلامة وأعطاها عملين هما ( نعمة النسيان ) و ( أول ما شفتك حبيتك ) من كلمات الشاعر أحمد رامي، الشاعر الأحب إلى أم كلثوم والذي قد كتب معظم أغانيها
فيالآونةالاخيرةلمتتواجدميادةالحناويفيالساحةالفنيةإلاقليلاًواقتصرتأعمالهاالجديدةعلىالأغانيالوطنيةالتي خصصتهالسوريةوخاصة خلال الحربالغاشمة ( ياشآم،ياقلبالعروبةالنابض،اوبريتحشدالله، ياحبيتييابلدي،حلبيادهبالعتيق). مشاعرهاالوطنيةالتيترجمتهابأغانيهاليستجديدةعلينافكلنايذكررائعتهاجبهة المجدمنكلماتالشاعرالعراقيمحمدمهديالجواهريوألحانالموسيقارالسوريصفوانبهلوان
دمشق عشتك ريعاناً وخافقة ًولمّةً والعيون السود والأرقا
وصرت قصدك لا كالمشتهي بلداً لكن كمن يتشهّى وجه من عَشِقا
آخرعملفنيجمعميادةببليغحمديكانتأغنية (عنديكلام) للشاعرعبدالرحمنحوتان كان في 1994حيث وافته المنية في ذاك العام وفينفستلكالفترةكانتميادةقدبدأتتتعاملمعالملحنينالشبابفغيّرتمننمطهاالغنائي، ولجأتإلىالأغاني القصيرةوالايقاعيةدونالتنازلعنمستوىأغانيها الراقي فتعاملتمعصلاحالشرنوبي ( أنامخلصالك، مهمايحاولوايطفواالشمس) وساميالحفناوي ( غيرتحياتي)، خالدالأمير (أنا مغرمة) وآخرون.كما عاودت التعامل مع العمالقة كمحمد سلطان وعمار الشريعي الذين قدموا لها باقة من الأغاني القصيرة والجميلة
لاقتميادةالحناويشهرةواسعةعلىامتدادالوطنالعربي، وقدكانتبحقمطربةالجيلكمالقبهاالإعلاميمحمدبديع سربيهصاحب مجلة الموعد، لكن شهرتها تخطت حدود الوطن العربي لتغني للجاليات العربية في كل من أوروبا وأميركا وتشارك في العديد من المهرجانات ( المحبة، قرطاج، بيت الدين، بعلبك، وغيرهم ) كما أنها عادت للغناء في مصر بعد قطيعة استمرت حوالي الثلاثة عشر عاماً وقدمت حفلات على أهم المسارح ليفاجأها الجمهور المصري بترديد جميع أغانيها عن ظهر قلب