يجعل الكاتب ممدوح حمادة الثورة في المسلسل بتاريخ الأول من نيسان وهو يوم الكذب في المفاهيم المعاصرة لحياتنا وهو يوم الانقلاب الربيعي وعيد رأس السنة السورية وهي إشارة إلى حضور الثقافة التاريخية وامجتمعية بآن واحد فيهذا العمل، لكن الإشارات الإخراجية بمرور الكاميرا تجاه الشعب حين يتم انتخاب أبو دقور قائداً من قبل المافيا الاقتصادية معيط يشير المارشال إلى الأبقار المتواجدة في الجزيرة قائلاً هذا الشعب الشريف ! فهل الشعب من الأبقار … الشعب الذي أحب الثنائي حمادة – حجو منذ ترافقهما في الأعمال الدرامية، ومن مشاهد ملء الفراغ التي تحتاج إلى نقاش يحمل الكاتب بعض التحاليل التقزيمية للشعر على لسان المثقف شخصية – شادي الصفدي رشوان، الذي يؤدي دوره بإتقان وتأثير جيد، وخاصة ذهاب صوته عند الخوف، لكن هذا المثقف يبدو تنظيرياً عاجزاً يقول مالا يفعل فيهاجم الشعر والحداثة الشعرية ويحلل سبب فشل الشعربالخوف من المخابرات، ولكن بالمقابل يمكن القول أن أنظمة الحكم عملت باجتهاد على قتل الشعر لخوفها منه لا العكس، أليس هذا رأياً مقابلاً لما طرحه الكاتب على لسان شخصيته؟
يذهب الكاتب في حلقة البحث عن التاريخ ونشوب الصراعات بين المتجاورين إلى تقسيم الناس إلى “الشو إسمو” و “الهيّي” دون تحديد توصيف واختلاف للآخرين … ولا ماهية وجهات النظر المراد الاختلاف حولها. مثل المشهد الذي جمع “وارطان الأرمني وولاتو الكردي” وتجادلا حول المشكلة التاريخية بين الأرمن والأكراد، بشكل غير واضح وغير محدد، سوى الحديث عن مجزرة لا أكثر ولا أقل في الحلقة 16، ويستغل الإسلامي “تيسير الكبريتي الموقف وأشعل البيوت، يأتي حرق التاريخ بعدهها بأمر عسكري ... ويقول شادي الصفدي “رشوان” خلي التاريخ يكتبه جيل متخلص من عقده … نحنا ماخرج نكتب تاريخ!هذه النتيجة جيدة ولكننا إذا دخلنا في لعبة الإسقاطات التي اعتمدها الكاتب ما الفائدة من هذه الحلقة وما الفائدة من حرق التاريخ ؟ أو اختلاقه أو تحميل الإسلاميين فكرة الحرق والعسكريين التدمير؟ الكاتب لا يحدد موقف فهو يخاطب اللاوعي الجمعي أحياناً “قواعد البزنس الأربعين“ على لسان معيطهو استغلال لاسم كتاب قواعد العشق الأربعون ذائع الصيت. أحياناً يستند إلى أفكاره الشخصية وأحياناً يحرص على التحيز للمثقفين وأحياناً يقزمهم، يصفق للاشتراكيين حيناً وبعدها يعطي النجاح لليبراليين؟
وهذا يتضح في حلقة الكومونة، أو المجتمع الاشتراكي، الفكرةالتي يقترحها الشاعر الماركسي، لخلق مجتمع اشتراكي لكنه يفشل، فتظهر البطالة المقنعة من خلال خمسة حراس للمستودع الاشتراكي، بينما يخفي الشعب الطعام باستثناء رشوان الاشتراكي المؤمن به، إلى أن تتشكل لجنة الفساد التي تحفظ المستودع، التي تبدأ مسيرة الرشاوي، والبيروقراطية. حتى يكتشف بالتجربة أن الكومونة في الفكر الاشتراكي فشلت فشلاً ذريعاً، وبالتالي يجد الكاتب أن الشيوعية هي مشروع فاشل في إسقاط نموذجي بسيط
تستهلكالحمامات والتواليتات “الششامي” كما يسميها ممدوح حمادة جزءاًكبيراً من وقت العمل لتصير عبئاً في الحلقة 17، وتكثر هذه المشاهد مع ظهور شخصيتي “صفا ووديع ” وهما محمد حداقي وأحمد الأحمد، اللذان يدخلان في متلازمة استوكهولم (السجين يحب سجانه ) وتختلط عليهما الأمور في الحلقة 26، هذان الفنانان تم تقزيم دوريهما وهما المشهود لهما بالأداء المحترف
يحشد الكاتب كل ما لديه من مطبات ومحن في المجتمع ليكتب المجتمع نفسه من تراسلات المجتمعات العربية والشرق أوسطية المكرورة، فهم يخترعون سجناً، مع وجود السلاح وتسيل الدماء من الماركسي رشوان الذي يسجن لأسباب تتعلق بالرأي والكلمة. وحكم العسكر عن طريق المارشال يدخل ملفات قذرة من افساد والاضطهاد … وندخل في دوامة إسقاطات مباشرة مكرورة من الحياة والأفلام، والقراءات السابقة وتحديداً في الحلقات الأخيرة لينتصر رجل العسكر بالسلاح ويستند إلى مسرحية “ناطورة المفاتيح ” للرحابنة ليحمّل العسكريين كل الجرائم بينما تهرب كل الشخصيات على قوارب سهلة الصنع كان من الممكن صناعتها في بداية الوقوع على شواطئ الجزيرة فلا يكون هناك من مسلسل ولا من واق واق